أربعة وعشرون سنة على توقيع التصريح المشترك لفاتح غشت 1996
في مثل هذا اليوم من سنة 1996 تم توقيع أول تصريح مشترك بين الحكومة و النقابات و أرباب العمل بعد حوار دام شهرين ، من 3 يونيو إلى فاتح غشت 1996 ، و استغرق حوالي 70 ساعة للاتفاق على منهجية و آليات الحوار ، و كذا القضايا و المحاور ذات الاهتمام المشترك . كما عقدت لجنة صياغة التصريح اجتماعات مكثفة دامت زهاء 136 ساعة .
لذلك فإن هذا التصريح يعتبر وثيقة تاريخية عالجت نظريا كل القضايا التي تهم الشغيلة المغربية بكل فئاتها ، من قبيل :
- آليات الحوار و التفاوض الجماعي : حيث تم الاتفاق على عقد اجتماع مشترك على الأقل كل ستة أشهر ، و التزام الأطراف الثلاثة بإجراء مباحثات فيما بينها على صعيد القطاعات و الإدارات و العمالات و الأقاليم من أجل حل المشاكل الخاصة بكل قطاع ، و تمكين النقابات و المشغلين من استعمال الإعلام السمعي البصري .
- المحاور ذات الأولوية و الاهتمام المشترك : كممارسة الحريات النقابية و الحماية الإجتماعية و التغطية الصحية و السكن الإجتماعي و تحسين الأجور و المداخيل بصفة عامة و التشغيل .
و بطبيعة الحال فإن كل محور من محاور هذا الإتفاق تضمن عدة التزامات يمكن الرجوع للتصريح للاطلاع عليها .
الذي يهمنا اليوم هو سؤال مدى التزام الأطراف المعنية بهذا التصريح ، و على الخصوص الحكومة و أرباب العمل ، بمضمونه .
الواضح أن الجواب لن يختلف عليه إثنان ، و هو أن روح و مضمون هذا التصريح لم ينفذ في معظم بنوده رغم توالي عدة حكومات و رغم تراكم المشاكل و النزاعات الإجتماعية، و أن ما نعيش اليوم من تراجع خطير في مجال الحوار و التفاوض مع الحكومة الحالية خير دليل على أن الإتفاق في واد و الواقع في واد آخر .
تبقى الإشارة في الأخير إلى أن هذا التصريح ، و ما تبعته من اتفاقات اجتماعية في سنة 2000 و 2003 و 2004 ، يبقى أرضية صالحة لمعالجة كافة القضايا الإجتماعية التي تهدد الإستقرار و التماسك الإجتماعي ببلادنا ، و بطبيعة الحال فإن هذا يفرض توفر الإرادة السياسية و الرغبة الأكيدة ، حقيقة لا كلاما ، في ولوج بلادنا نادي الدول الديمقراطية التي تمتاز باحترام القوانين و الإلتزامات ، و بالمراقبة و المحاسبة .
و كما قال الأخ نوبير الأموي يوم الخميس فاتح غشت 1996 ، و قبل توقيع هذا التصريح :
" نأمل أن يكون مخاطبونا قد التقطوا على مدى ساعات طوال كل الإشارات الصريحة و الضمنية في كلماتنا ، و أن يظل مصير بلدنا و عزته و تطوره و استقراره همنا المشترك ."
للأسف لم يلتقطوا بعد هذه الإشارات الكثيرة و الصريحة ، و التي كنت و عشرات النقابيين و أرباب العمل و المسؤولين الحكوميين شاهدين عليها و على المسؤولية التي تحلت بها المركزيات النقابية ، و من بينها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل التي بدل ممثلوها في هذا الحوار جهودا كبيرة لكي يخرج هذا التصريح إلى الوجود ، و بالشكل الذي خرج به .
و تبقى معركة التنفيذ مستمرة كما هو حال العديد من الاتفاقات و الالتزامات و القوانين .
للإشارة فإن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تتوفر ضمن منشوراتها على كتبت يتضمن هذا التصريح و ما تلاه من اتفاقيات تضعه رهن كل من يريد الاطلاع عليها من باحثين و مناضلين .
محمد عطيف