recent
أخبار ساخنة

الاستعداد للامتحان المهني ومباريات التعليم : العلاقة التربوية، مفهومها؟ أصنافها ؟ أبعادها؟


الاستعداد للامتحان المهني ومباريات التعليم : العلاقة التربوية، مفهومها؟ أصنافها ؟ أبعادها؟

العلاقة التربوية: مفهومها؟ أصنافها؟ أبعادها؟

سوف نتطرق في هذه المقالة بحول الله تعالى لموضوع العلاقات التربوية والبيداغوجية داخل الفصل الدراسي. ومما لا شك فيه أن العلاقة المتميزة البناءة المنتجة بين التلميذ وباقي المتدخلين التربويين هي مفتاح أساسي للنجاح والتفوق المدرسي والارتقاء بأداء المدرسة المغربية.

وتجدر الإشارة إلى وجود علاقة مباشرة بين طبيعة العلاقات التربوية والبيداغوجية، وقدرة المدرسة على تأدية رسالتها التربوية والتعليمية. وهذه العلاقة تتجلى فيما يلي: من شأن المدرسة أن تؤدي رسالتها التربوية والتعليمية على النحو الأمثل كلما أتاحت فضاءاتها السبل اللازمة والمحفزة على إقامة علاقات تربوية وبيداغوجية متوازنة، تمكن المتعلم من تحرير ما يمتلكه من طاقات التعلم والتحصيل والإبداع، وتساعد المربي والمدرس على الاضطلاع بمهامهما التربوية والتعليمية في أحسن الظروف الممكنة.

لكن و الحق يقال، واقع العلاقات التربوية والبيداغوجية في سياق الممارسات اليومية داخل الفصول الدراسية لا يستجيب بالضرورة لتصور هذه العلاقات على المستوى النظري، إذ توجد هوة بين ما هو نظري وما هو ممارسة فعلية يومية داخل الفصول الدراسية، ذلك أن الممارسة تنتج نماذج مختلفة وصيغا متعددة، وفي بعض الأحيان صعوبات متغيرة، تجد تفسيراً لها في تداخل العوامل النفسية والاجتماعية والتربوية والإنسانية المحددة لطبيعة هذه العلاقة. بالإضافة إلى عوامل أخرى كتعارض انتظارات المجتمع من التربية والتعليم مع حاجات المتعلمين وميولهم مثلاً، اتساع الهوة بين الأجيال وتسارع وتيرة التحولات الاجتماعية والثقافية والتكنولوجية التي يشهدها المجتمع على نحو متلاحق…

    ماهو المقصود بالعلاقة التربوية؟
يمكن تعريف العلاقة التربوية بمجموع التفاعلات التي تنشأ داخل جماعات التعلم. و التي تحدث بين المدرس والمتعلمين، وبين المتعلمين فيما بينهم، وبين المدرس والمتعلمين ومواضيع التعلم. وبالتالي فإن جماعة القسم أو جماعة التعلم تشكل في حد ذاتها مجموعة تفاعل مباشر. وهنا أمكن القول أنه داخل هذه الجماعة تقام شبكة من العلاقات الوجدانية، وعلاقات الانجداب والتنافر والتعاطف والكراهية…

    أصناف العلاقة التربوية :
يمكن تصنيف العلاقة التربوية إلى ما يلي :
  • علاقة يهيمن فيها المدرس، فيكون الفعل التربوي والبيداغوجي فيها متمركزا على ذاته، كما ينحصر دوره في تقديم المعرفة
  • علاقة يتمركز فيها العمل التربوي على المتعلم، بحيث يكون مدعوا إلى إعادة بناء المعرفة واكتشافها، أما المدرس فيعمل في هذا النمط من العلاقة، على توفير وتنظيم الشروط الضرورية للتعلم، بحيث تتحدد أدواره الأساس في التوجيه والإرشاد.
  • علاقة يكون فيها المدرس محفزا ومسهلا لعمليات التعلم دون أن يتدخل في توجيهها أو المشاركة فيها، فهو يكتفي فقط بتلبية حاجات المتعلمين
  • علاقة يصبح فيها المدرس متعلما بدوره.
  • علاقة محورها محتويات التعلم، وقيمها الأساس هي العقلانية و الفعالية.
من خلال ما سبق ذكره، نستطيع تصنيف العلاقة التربوية إلى صنفين رئيسيين :
  • علاقة تربوية تقليدية تتميز بمركزية المدرس: فهو الذي يمتلك المعرفة ويتحكم في طرائق وتقنيات تبليغها و تمريرها إلى المتعلم، فضلاً عن ممارسته لسلطة شبه مطلقة. وتتم التفاعلات في هذه العلاقة في اتجاه وحيد، أي من المدرس نحو المتعلمين.
  • علاقة تربوية حديثة تتميز بمركزية المتعلم أو المتعلمين : يكون المدرس فيها مجرد موجه و مرشد ومسهل للعمل ويمارس فيها المتعلم أنشطة إعادة اكتشاف المعرفة وبنائها. وتتميز التفاعلات في هذا النمط من العلاقة بالشمولية أي إنها متبادلة بين المدرس و المتعلمين و بين المتعلمين أنفسهم.

    ماهي أبعاد العلاقة التربوية؟

 البعد البيداغوجي- الديداكتيكي:
ويقصد به مجموع الإجراءات التالية :

    تخطيط الدرس وتحديد أهدافه.

    تنظيم محتوياته.

    انتقاء الأنشطة والوسائل والموارد الكفيلة بتسهيل اكتساب هذه المحتويات.

    تحديد التدرجات الديداكتيكية التي سيقدم بواسطتها المحتوى انطلاقاً من خصوصيات المتعلمين ومستوياتهم.

    توقع استباق الصعوبات التي قد تعيق إكساب هذا المحتوى.

    اختيار أساليب التقويم والدعم ووضعياتهما وأدواتهما…

إن العلاقة التربوية على مستوى هذا البعد تتخذ طابع التواصل البيداغوجي الذي يتم بواسطته تبليغ محتوى تعلمي أو تبادله، عن طريق الإرسال اللفظي، أو بواسطة وسائل غير لفظية متممة للإرسال اللفظي كالحركات، والإيماءات، وتعابير الوجه، ونبرات الصوت وغيرها…

 البعد التنظيمي :
يشمل البعد التنظيمي العناصر التالية:

    صيغ تنظيم فضاء التعلم.

    أشكال توزيع المتعلمين داخل فضاء التعلم (حجرة الدرس).

    القواعد التي تحكم السلوك والتصرف العام لطرفي العملية التعليمية-التعلمية داخل هذا الفضاء.

الأمر الأكيد هو أن هذه الجوانب تؤثر جميعها في طبيعة العلاقة التربوية وشكلها. وتجدر الإشارة إلى أن هنالك أشكالا أخرى عديدة ومتنوعة لتنظيم فضاء التعلم (حجرة الدرس) والتي تتيح إمكانية إقامة حلقات نقاش أو توزيع المتعلمين في مجموعات أو غير ذلك. على عكس الكيفية التقليدية التي ينظم بها فضاء التعلم (ترتيب طاولات الجلوس في صفوف عمودية، جلوس المتعلمين في مواجهة السبورة، عدم قدرتهم على التواصل فيما بينهم وجها لوجه…)

ومما لا شك فيه أنه، عندما ينظم الفضاء أكثر تفتحا (عمل في مجموعات - مجموعات مناقشة…) فإن التفاعلات بين أطراف العملية التعليمية-التعلمية تكون أكثر انفتاحا وقواعد السلوك أكثر مرونة، كما يكون التواصل بين المتعلمين مباشراً وأكثر تلقائية، وبذلك، تتقلص هوامش المنع، ويصبح المتعلم مركز فعل التعليم والتعلم.

 البعد العلائقي :
يتعلق هذا البعد بالتبادلات السوسيو-وجدانة والانفعالية المركبة وغير الصريحة التي تفرزها الدينامية الداخلية لجماعة التعلم.

عموماً، يهتم المدرس، في علاقته بالمتعلم، بالجوانب المعرفية في شخصية هذا الأخير، وبموقفه من العمل المدرسي أكثر من اهتمامه بالجوانب الوجدانية (العاطفية والانفعالية)، بينما يركز المتعلم، في إدراكه للمدرس على مقدرة هذا الأخير على تفهم مواقفه، وعلى كيفية تعامله معه وقدرته على إفساح مجال المبادرة أمامه. وتتحدد العلاقة بين الطرفين بناء على مدى التوافق أو التباين بين تمثل وإدراك كل منهما للآخر.

    خلاصة:

إن طبيعة العلاقة التربوية بين المدرس و المتعلمين طبيعة مركبة ومعقدة. وبالتالي يصعب الفصل بين ما هو بيداغوجي وما هو تنظيمي وما هو علائقي. فكل بعد من هذه الأبعاد يؤثر في البعدين الآخرين ويتأثر بهما في الوقت ذاته.


   بقلم : الأستاذ شرف الدين عكري
    المصادر :
    دفاتر التربية والتكوين : العدد 1 نونبر 2009


google-playkhamsatmostaqltradent